جاء في اسلام حمزة
أنّ أبا جهل قد مرّ برسول الله عليه الصلاة والسلام عند الصفا فشتمه و
آذاه ، ونال منه ما نكرهه ،و قام بصبّ التراب على رأسه ، وقيل : ألقى عليه
فرثاً ووطئ برجله على عاتقه ، فلم يكلّم رسول الله عليه الصلاة والسلام أبا
جهل ، ومولاة لعبد الله بن جدعان في مسكن لها تسمع ذلك وتبصره ، ثمّ انصرف
رسول الله إلى نادي قريش فجلس معهم
فلم يلبث حمزة أن أقبل راجعاً من قنصه متوشحاً بسيفه، رجع من قنصه
لا يدخل إلى أهله إلاّ بعد أن يطوف بالبيت ، فمرّ على تلك المولاة فحدثته
بالخبر
فسألها حمزة إن كانت قد رأت بعينها ما قصت له ، فأجابته : نعم
فاحتمل حمزة الغضب
ودخل المسجد ، فرأى أبا جهل يجلس في القوم فأقبل نحوه إلى أن قام على رأسه
ورفع القوس وضربه فشجّه شجّة منكرة ، ثمّ قال : أتشتمه وأنا على دينه ،
أقول ما يقول ؟.. فرِدّ علىّ ذلك إن استطعت. صار أبو جهل يتضرع إليه
ويقول : سفّه عقولنا ، وخالف آباءنا و سبّ آلهتنا ، فقال : ومَن أسفه منكم ؟
تعبدون الحجارة من دون الله أشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمداً رسول
الله
فقامت رجال من بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل فقالوا : ما نراك
إلاّ قد صبأت ، فقال حمزة : ما يمنعني وقد استبان لي منه ، أنا أشهد أنّه
رسول الله وأنّ الذي يقوله حقّ ، والله لا أنزع فامنعوني إن كنتم صادقين ،
فرد عليهم أبو جهل : دعوا أبا يعلى فإنّي والله قد أسمعتُ ابن أخيه شيئاً
قبيحاً.. وتمّ حمزة على إسلامه ، فقال لنفسه لمّا رجع إلى بيته : أنت سيّد
قريش ، اتبعت هذا الصابي وتركت دين آبائك ..الموت خيرٌ لك مما صنعت ، ثمّ
قال : اللهمّ !.. إن كان رشداً فاجعل تصديقه في قلبي ، وإلاّ فاجعل لي مما
وقعت فيه مخرجاً ، فبات بليلة لم يبت بمثلها من وسوسة الشيطان حتى أصبح.
فغدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا ابن أخي !..إنّي
وقعت في أمر لا أعرف المخرج منه ، وإقامة مثلي على ما لا أدري أرشد هو أم
غيّ شديد ؟فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكّره ووعظه وخوّفه
وبشّره ، فألقى الله في قلبه الإيمان بما قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم، فقال :
أشهد أنّك لصادق ، فأظهر يا بن أخي دينك
ليست هناك تعليقات: